منزل "يوكوهاما آوبا": إعادة تعريف السكن الحضري مع السماء

تصميم مبتكر يدمج الطبيعة في قلب الحياة الحضرية اليابانية

تواجه الضواحي اليابانية تحديات متزايدة تتعلق بالاكتظاظ السكني، والعزلة عن الطبيعة، والاعتماد المتزايد على الطاقة. في هذا السياق، يقدم مشروع "يوكوهاما آوبا" رؤية جديدة للسكن الحضري، حيث يهدف إلى استعادة القيم اليابانية التقليدية في الانفتاح على الطبيعة، مع الحفاظ على الخصوصية والكفاءة الحديثة. يستند التصميم إلى فلسفة إعادة دمج عناصر الطبيعة، خاصة السماء، في تفاصيل الحياة اليومية، مستلهماً من منازل "ماتشيا" الكيومية التي كانت تحتضن الحدائق الداخلية وتسمح بتدفق الضوء والهواء.

يمتاز المنزل بقطعة أرض خماسية الأضلاع تتوسطها ساحة داخلية تربط جميع الغرف، مما يمنح السكان شعوراً دائمًا بالارتباط بالسماء. اعتمد شين تاكاماتسو على مفهوم "شريط موبيوس المزدوج"، حيث تتشابك السلالم والممرات في حلقة متواصلة، ما يتيح مرونة عالية في حركة العائلة وتنوع سيناريوهات الاستخدام. هذا الابتكار المعماري لا يعزز فقط التواصل الأسري، بل يتيح أيضاً لكل فرد مساراً خاصاً، وهو أمر بالغ الأهمية في أوقات الأوبئة.

من الناحية التقنية، صُمم المنزل بمساحة أرضية تبلغ 204.05 متر مربع، ومساحة بناء 90.56 متر مربع، وإجمالي مساحة طابقية 163.77 متر مربع. معظم الغرف تطل على الساحة الداخلية، ما يسمح للضوء والهواء الطبيعيين بالانسياب بحرية في أرجاء المنزل، ويقلل من الاعتماد على الطاقة الاصطناعية. زوايا الأجنحة البالغة 40 درجة تعزز الإحساس بالاتساع وتكسر الجمود التقليدي للمساحات المغلقة.

يركز التصميم على التكيف مع أنماط الحياة المتغيرة، حيث يمكن للعائلة أن تتمحور حول الساحة الداخلية أو تدمج الغرف في مساحة واحدة كبيرة. تتيح حركة "شريط موبيوس المزدوج" تنقلاً دائماً، ما يغني الحياة اليومية ويعزز الشعور بالانتماء للمكان. كما أن لكل غرفة مسارها المستقل، ما يوفر مرونة وسلامة صحية في أوقات الأزمات.

تجدر الإشارة إلى أن المشروع جاء ثمرة تعاون طويل بين شين تاكاماتسو وشركة "برينسيبال هوم"، حيث استغرق التخطيط أكثر من عام ونصف، وانتهى البناء عام 2017. وقد حصد المشروع جائزة "Good Design Award" المرموقة، إضافة إلى جائزة الفضة في فئة العمارة لعام 2025 من جوائز A' Design، تقديراً لتميزه التقني والفني.

يمثل "يوكوهاما آوبا" نموذجاً يحتذى به في إعادة إحياء التقاليد اليابانية ضمن إطار عصري، ويؤكد أن الابتكار المعماري قادر على خلق بيئة سكنية متوازنة تجمع بين الراحة، الجمال، والاستدامة. يشجع هذا المشروع على إعادة التفكير في علاقة الإنسان بالفضاء والبيئة، ويدعو المعماريين والمطورين إلى تبني حلول تضع الطبيعة في قلب التصميم الحضري.