مقهى "ألف مشهد": ملاذ حضري بتصميم يعكس مواسم الطبيعة

تجربة حسية متكاملة تجمع بين الضوء، الظلال، والمرايا في تايبيه

استلهم المصممون Hou Chun Chen وHao Hong Lin اسم المقهى من المصطلح الصيني "تشيان جينغ"، والذي يعني "ألف مشهد". يروي التصميم الداخلي قصة بصرية آسرة من خلال طبقات الضوء والظل، مدعومة بتأثيرات المرايا التي تضفي عمقًا وبعدًا جديدًا للمكان. بخلاف المقاهي التقليدية التي تركز على عرض المنتجات أو تنظيم المقاعد، اعتمد المشروع على تنوع المواد والتقنيات المتضادة لدمج جماليات المواسم المتغيرة في كل تفصيلة، مما يعزز التفاعل بين الزوار والمساحة المحيطة بهم.

يقع المقهى في مبنى عمره 18 عامًا، كان سابقًا متجرًا للملابس، وتحول إلى أول مشروع لثلاثة شباب شغوفين بالقهوة المختصة. يمتد على مساحة 66 مترًا مربعًا موزعة على طابقين في منطقة حضرية مكتظة. يتميز الطابق الأول بسقف مقوس بارتفاع أربعة أمتار مطلي بلون تركوازي منعش، مع مصابيح معلقة نحاسية تضفي لمسة بريطانية كلاسيكية. أما الطابق الثاني، فيضم منطقة جلوس وبار مسائي، مع إضاءة خطية تعوض نقص الضوء الطبيعي وتبرز الأجواء المعاصرة.

اعتمد التصميم على مواد متنوعة مثل الأسطح العاكسة، الطلاءات الزخرفية، الأعمال المعدنية، الألواح الميلامين، وبلاط PVC المقاوم للحريق. استخدمت المرايا بشكل متواصل من الواجهة حتى السقف، ما خلق تأثيرات بصرية ساحرة تعالج ضيق المساحة وتدعو الزائر لاكتشاف عالم من الخيال المنعكس. كما تم تقليل استخدام المواد الصناعية، والاعتماد على ألواح خشبية منخفضة المركبات العضوية المتطايرة، وأصباغ معدنية ودهانات صديقة للبيئة، ما يعزز الاستدامة وصحة البيئة الداخلية.

يبدأ استقبال الزوار بمدخل بسيط وأبواب زجاجية شفافة تعزلهم عن صخب الشارع، وتمنحهم إحساسًا بالراحة والخصوصية. تتدرج الإضاءة من الطابق الأول إلى الثاني، لتعكس مرور الفصول وتضفي طابعًا دافئًا ومريحًا. الأثاث المصمم خصيصًا والترتيبات المدروسة تخلق أجواء حميمية، حيث يتناغم عبق القهوة مع تفاصيل المكان.

حاز هذا التصميم المبتكر على جائزة "الحديد" في فئة التصميم الداخلي للمساحات التجارية والمعارض ضمن جوائز A' Design لعام 2025، تقديرًا لقدرته على دمج أفضل الممارسات الصناعية مع الابتكار، وتوفير تجربة إيجابية تلبي المتطلبات المهنية والفنية.

يبرز "ألف مشهد" كواحة حضرية متجددة، حيث يتلاقى الفن مع الحرفة في كل زاوية، ليمنح الزوار لحظات استرخاء وسط زخم المدينة، ويجسد فلسفة أن الحياة، مثل فنجان القهوة الجيد، غنية ومتعددة الطبقات وتستحق التأمل والاستمتاع.