معاطف "المناظر غير المكتشفة": خريطة جديدة للأناقة المستدامة

ابتكار كستوتيس ليكيتشاس يمزج التراث الليتواني مع التصميم الدائري

تأتي مجموعة "المناظر غير المكتشفة" في توقيت حرج، حيث تتصدر النزاعات العسكرية وإعادة رسم الحدود عناوين الأخبار، بينما تُهمَل قضايا الاستدامة. في هذا السياق، يبرز الفن والموضة كأدوات قوية للتعبير والمقاومة، إذ يدعو التصميم المدروس إلى التأمل في تأثير الخيارات الفردية على مستقبل الكوكب. يوضح كستوتيس ليكيتشاس أن "كل قطعة من هذه المعاطف تروي قصة إعادة اكتشاف العالم من منظور جديد، حيث تتحول الخامات المهملة إلى خرائط نابضة بالحياة تدعو إلى إعادة رسم تصوراتنا عن الاستدامة."

تتميز المعاطف بخصائص فريدة، حيث تُصنع بالكامل من بقايا إنتاج المنسوجات التي غالبًا ما تُهمل، لتجسد رؤية إنتاج خالٍ من النفايات. تعتمد المجموعة على أجود أنواع الصوف الطبيعي مثل الميرينو والكشمير والألباكا، وتدمج بين قطع الأقمشة المختلفة باستخدام تقنيات الترقيع المستوحاة من التراث الليتواني. النتيجة النهائية هي أنماط تشبه الخرائط، تعكس تعقيدات المشهد العالمي والحاجة إلى إعادة تشكيل خرائطنا الذهنية نحو مستقبل أكثر استدامة.

تعتمد عملية التصنيع على تقنية "صفر نفايات"، حيث يتم جمع وفرز قصاصات الأقمشة بعناية، ثم دمجها وفق معايير هندسية دقيقة لضمان الاستفادة القصوى من الموارد. تتيح هذه التقنية سهولة إصلاح المعاطف أو تحديثها في ورشة التصميم، إذ يمكن استبدال الأجزاء البالية أو إضافة قطع جديدة، ما يمنح كل معطف حياة متجددة ويعزز مفهوم التصميم الدائري.

تستند المجموعة إلى بحث معمق في تفاصيل الزي الوطني الليتواني، خاصة تصميم المعطف وتقنيات الترقيع التقليدية، بهدف نقل عناصر الهوية الثقافية إلى منتج معاصر. يواجه التصميم تحديات تقنية وإبداعية، أبرزها التوفيق بين اختلافات سماكة وتركيبة الأقمشة، وجمع كميات كافية من القصاصات، بالإضافة إلى ضرورة تكامل عملية التصميم مع عملية القص، ما يجعل كل معطف فريدًا وغير قابل للتكرار.

تسعى المجموعة لأن تكون عابرة للزمن، إذ صُممت معاطف موسم 2024/25 لتظل ملائمة لعدة مواسم، انسجامًا مع مبادئ الموضة البطيئة. وقد تطورت الفكرة من مجموعة محدودة إلى مشروع طويل الأمد، مستلهمة من نجاح تصميم بدلة مستدامة حازت على جائزة ذهبية في "جائزة التصميم" لعام 2020/21. حصدت معاطف "المناظر غير المكتشفة" جائزة البرونزية في فئة تصميم الأزياء لعام 2025، تقديرًا لإبداعها ومساهمتها في تحسين جودة الحياة.

تلخص هذه المجموعة رؤية جديدة للموضة، حيث يتحول الهدر إلى فن، وتصبح كل قطعة معطف خريطة شخصية للهوية والاستدامة. في عالم يزداد هشاشة، تقدم هذه المعاطف الدفء والملاذ، وتدعو إلى إعادة التفكير في علاقتنا مع البيئة والموارد. إنها دعوة لإعادة اكتشاف العالم، ليس فقط عبر الشاشات، بل من خلال الأقمشة التي تروي حكاية الأرض والإنسان.