ليلة الاحتفال: حوار زجاجي بين الماضي والحاضر في الفن المعاصر

عمل فني يدمج تقنيات النفخ الزجاجي التقليدية مع رؤى معاصرة ملهمة

تستلهم "ليلة الاحتفال" جذورها من سلسلة "آن" السابقة للفنانة دريا جيلاني فوروشان، إلا أن العمل الجديد يتجاوز حدود الاستلهام ليعيد صياغة المفهوم من خلال منح كل شكل منفوخ صفات سحابية مستوحاة من السماء. يهدف هذا العمل إلى ردم الفجوة بين الماضي والحاضر باستخدام الزجاج كوسيط خالد، حيث ترمز الكؤوس الزجاجية العتيقة إلى صلة وثيقة بالتاريخ، وتستحضر ذكريات الاحتفالات والطقوس وحرفية الأجيال السابقة. أما تدفق الزجاج المنصهر من هذه القطع التاريخية، فيعكس استمرارية التقاليد مع احتضان التحول والسيولة التي تميز الحاضر.

تتجلى فرادة العمل في دمج الكؤوس الزجاجية الأثرية، التي تمثل الماضي، مع الزجاج المنصهر الذي يبدو وكأنه يتدفق منها، ضمن شكل منفوخ واحد. تم تسخين جزء من الجسم المعد بتقنية نفخ الزجاج الحر، ثم ضغط قالب الكأس العتيق على الجزء المسخن للحصول على طبعة سالبة للكأس على سطح العمل. هذه التقنية تمنح القطعة طابعًا بصريًا فريدًا يجمع بين الدقة الحرفية والابتكار الجمالي.

تتطلب عملية التنفيذ براعة فائقة في التحكم بدرجات الحرارة والضغط أثناء النفخ، إذ يُضغط قالب الكأس العتيق على الزجاج المنفوخ بحرارة مدروسة لضمان الحصول على طبعة دقيقة. بعد التبريد، تُجرى عمليات القطع والتلميع، ثم يُطلى السطح بمحلول خاص يمنحه تأثير اللؤلؤ، قبل أن يُعاد خبزه وتثبيته مع الكأس الأثري وتشكيل الرشقة الزجاجية النهائية. تُعرض القطعة معلقًة على الجدار، ما يضفي عليها حضورًا بصريًا لافتًا.

يمتد البحث خلف هذا العمل إلى دراسة منهجية تجمع بين تحليل تقنيات الزجاج التقليدية والتجريب العملي لدمج الأشكال العتيقة مع التصميم المعاصر. أظهرت التجارب أن المزج بين الماضي والحاضر يخلق ارتباطات عاطفية وثقافية عميقة، ويشجع على الابتكار ضمن إطار الحرفية التقليدية. وقد انعكس ذلك في التأثير البصري للعمل، الذي يجسد تلاقي الزمنين في قطعة واحدة.

واجهت الفنانة تحديات تقنية وإبداعية، أبرزها دقة التحكم في درجة حرارة الزجاج أثناء النفخ، وضبط التوقيت والضغط عند ضغط القالب للحصول على طبعة مثالية. يتطلب تحقيق النتيجة النهائية مهارة عالية وفهمًا عميقًا لطبيعة المادة وتقنيات تشكيلها، ما يعكس التقاء الحرفة بالابتكار في كل مرحلة من مراحل العمل.

حصلت "ليلة الاحتفال" على جائزة البرونز في فئة الفنون الجميلة وتصميم التركيبات الفنية ضمن جوائز A' Design لعام 2025، تقديرًا لتفردها التقني والإبداعي وإسهامها في إثراء جودة الحياة من خلال الفن. يظل العمل شاهدًا على قدرة الزجاج على تجسيد الذاكرة والتحول، ودعوة مفتوحة لاستكشاف جماليات التلاقي بين الماضي والحاضر في الفن المعاصر.